تكميم أم تحويل مسار؟ الفرق وأيهما الأنسب لك

تكميم أم تحويل مسار؟ الفرق وأيهما الأنسب لك

16-10-2025

17

تكميم أم تحويل مسار؟ الفرق وأيهما الأنسب لك

مع ارتفاع معدلات السمنة بشكل متسارع حول العالم، أصبحت جراحات إنقاص الوزن من الحلول الطبية الأكثر شيوعاً وفعالية لمساعدة المرضى على استعادة صحتهم وجودة حياتهم. لكن عند التفكير في هذا الخيار، يبرز سؤال أساسي لدى كثير من المرضى: هل الأفضل إجراء تكميم أم تحويل مسار؟

وللإجابة بدقة، من الضروري فهم آلية كل عملية، والاختلافات الدقيقة بينهما، والمواقف التي يفضل فيها الأطباء اختيار إحداهما على الأخرى.

 

أيهما أفضل: التكميم أم تحويل مسار؟

رغم أن كلًا من التكميم وتحويل مسار المعدة يندرجان تحت مسمّى جراحات السمنة ويهدفان إلى تقليل حجم المعدة ومساعدة المريض على فقدان الوزن، إلا أن آلية كل إجراء تختلف بشكل جوهري.

تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy)

يستأصل الجراح ما يقارب 80% من حجم المعدة، ليبقى جزء أنبوبي صغير يشبه شكل الموزة. يؤدي هذا الاستئصال إلى تقليل إفراز هرمون الغريلين المسؤول عن الإحساس بالجوع، مما يساعد على خفض الشهية.
 

لا يغيّر التكميم مسار الأمعاء، وبالتالي تبقى عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية قريبة من طبيعتها.
 

تحويل مسار المعدة (Gastric Bypass)

يُعد تحويل مسار المعدة من جراحات السمنة التي تؤثر في كل من المعدة والجهاز الهضمي معاً. يقسم الجرّاح خلال العملية المعدة إلى جزأين، ويُستخدم الجزء العلوي الصغير، الذي يعادل تقريباً حجم بيضة، كجيب رئيسي لتخزين الطعام. أما الجزء المتبقي من المعدة فيتجاوزه، بحيث لا يعود له دور في تخزين أو هضم الغذاء.

 

ولا يقتصر الإجراء على تصغير حجم المعدة فحسب، بل يشمل أيضاً إعادة توصيل الأمعاء الدقيقة بطريقة تجعل الطعام يدخل مباشرة إلى جزء أكثر تقدماً من الأمعاء، مما يقلل من الامتصاص ويُحدث تغييرات جوهرية في مسار الهضم.

تكمن فعالية هذه العملية في أنها لا تقلل فقط من كمية الطعام المستهلك، بل تؤثر أيضاً في الهرمونات والأيض. هذه التغيرات تساعد المرضى على تجاوز مرحلة ثبات الوزن، وتعزز من فرص النجاح في فقدان الوزن عند دمجها مع تعديلات مستمرة في نمط الحياة.

يعتمد الاختيار بين التكميم وتحويل المسار على عدة معايير طبية وشخصية، مثل سرعة فقدان الوزن المطلوبة، ووجود أمراض مصاحبة كداء السكري أو الارتجاع، وقدرة المريض على الالتزام بالتغييرات الغذائية بعد الجراحة.

ما الفرق بين التكميم وتحويل المسار؟ الفوائد والأضرار

بعد أن تعرّفنا على آلية كل من التكميم وتحويل المسار والاختلافات الأساسية بينهما، يمكننا الآن الانتقال إلى توضيح الفوائد الطبية المتوقعة من هذه الإجراءات الجراحية بشكل تفصيلي، لمعرفة ما يميز كل عملية عن الأخرى.

 

الفائدة

تكميم المعدة

تحويل المسار

درجة الأمان

أبسط وأقل تعقيدًا، مما يقلل من احتمالية حدوث مضاعفات.

أكثر تعقيدًا نسبيًا، لكن لا يزال بمعدل أمان جيد (مضاعفات كبرى لم تتجاوز 4%).

الامتصاص الغذائي

لا يغيّر مسار الأمعاء، لذلك قد يحدث نقص بسيط في الفيتامينات والمعادن.

يقلل من الامتصاص، ما قد يساعد على فقدان وزن أسرع لكنه يؤثر في امتصاص المغذيات.

التحكم بالشهية

يقلل إفراز هرمون الجوع (الغريلين) فيحد من الشهية.

يغير الهرمونات والأيض مما يقلل الشهية ويساعد على تخطي ثبات الوزن.

الأمراض المرتبطة بالسمنة

يحسّن حالات، مثل السكري، وأمراض القلب، وتوقف التنفس أثناء النوم، وتكيس المبايض.

أكثر تأثيرًا على السكري وارتفاع الضغط وتوقف التنفس أثناء النوم في الحالات الخطرة والشديدة غير المستجيبة للعلاج.

إمكانية التحويل

يمكن لاحقًا تحويل التكميم إلى عملية تحويل مسار إذا لزم الأمر.

لا يُحوَّل عادةً إلى عملية أخرى لأنه بالفعل إجراء متكامل.

مخاطر التكميم وتحويل مسار

يشرح الجدول أدناه المخاطر المحتملة لكل منهما:

المخاطر

تكميم المعدة

تحويل المسار

سرعة فقدان الوزن:

قد يكون فقدان الوزن أبطأ نسبيًا مقارنة بتحويل المسار.

فقدان الوزن أسرع وأكثر حدة.

الارتجاع المعدي المريئي (GERD):

قد يسبب أو يزيد من أعراض الارتجاع المعدي المريئي.

أقل احتمالًا لزيادة الارتجاع، بل قد يُحسِّن الأعراض عند بعض المرضى.

نقص الفيتامينات والمعادن:

نادر، لأن مسار الأمعاء لا يتغير.

شائع، ويستلزم غالبًا تناول مكملات غذائية مدى الحياة.

مضاعفات طويلة الأمد:

احتمالية حدوث ارتجاع مزمن أو الحاجة لعملية إضافية للوصول للوزن المطلوب.

احتمال حدوث متلازمة الإفراغ السريع (Dumping Syndrome)، أو قرحة المعدة، أو مشكلات غذائية أخرى.

التعقيد الجراحي:

جراحة أبسط، وبالتالي أقل خطورة من حيث العدوى.

جراحة أكثر تعقيدًا، مما يزيد من احتمالية التعرض للعدوى.

التغييرات الأيضية:

يعتمد على تقليل حجم المعدة فقط.

يغيّر من الأيض والهرمونات، لكنه قد يرفع حساسية الجسم للكحول ويؤثر في امتصاص العناصر الغذائية.

 

أيهما أسرع في فقدان الوزن التكميم أم تحويل المسار؟

تشير الدراسات الطبية إلى أن كلا العمليتين فعّالتان في تحقيق فقدان وزن كبير، لكن تحويل المسار عادةً يمنح نتائج أسرع وأكثر وضوحاً مقارنة بالتكميم، خاصة خلال السنة الأولى بعد العملية.

 

  • تحويل المسار: يفقد المريض في المتوسط من 70% إلى 80% من الوزن الزائد خلال 12–18 شهراً، ويرجع ذلك إلى الدمج بين تصغير حجم المعدة وتقليل امتصاص السعرات والدهون من الأمعاء.

 

  • تكميم المعدة: يؤدي عادةً إلى فقدان 60% إلى 70% من الوزن الزائد في نفس الفترة، لكن بوتيرة أبطأ قليلاً، نظراً لأنه يعتمد أساساً على تقليل حجم المعدة وتقليل هرمون الجوع دون تغيير مسار الأمعاء.

 

مع ذلك، وعلى المدى الطويل، قد تكون نتائج التكميم والتحويل متقاربة إذا التزم المريض بنمط حياة صحي بعد العملية. الفارق الأساسي يكمن في سرعة الوصول للهدف، حيث يُرجَّح تحويل المسار للمرضى الذين يحتاجون إلى فقدان وزن أسرع بسبب تأثير السمنة على جودة الحياة.

 

أيهما أفضل لمرضى السكري: تكميم المعدة أم تحويل المسار؟

 

في دراسة حديثة نُشرت عام 2024 وجد أن مرضى السكري الذين خضعوا لتحويل المسار كانت لديهم نتائج أفضل على المدى الطويل في السيطرة على مستويات السكر مقارنة بمن أجروا عمليات أخرى مثل التكميم.

 

إذ أثبتت هذه الدراسة وغيرها أن التحويل يساعد على خفض مستويات سكر الدم بشكل أكبر، وقد يؤدي لدى بعض المرضى إلى ما يُعرف بـالشفاء أو الدخول في مرحلة الهدأة (Remission)، أي بقاء سكر الدم ضمن المستويات الطبيعية دون الحاجة إلى أدوية للسكري.

 

ووفقاً للجمعية الأمريكية للسكري (ADA)، تُعرّف الهدأة عادةً على أنها:

  • سكر صائم أقل من 100 ملغ/ديسيلتر.
  • مستوى تحليل السكر التراكمي (HbA1C) أقل من 6.5%.


 

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: تكميم أم تحويل مسار؟

الإجابة ليست واحدة للجميع، فلكل من العمليتين مميزات ومخاطر تجعلها أنسب لفئة معينة من المرضى. يعتمد القرار على عدة عوامل، مثل الحالة الصحية العامة، ووجود أمراض مصاحبة، ومستوى الالتزام بالتغييرات الحياتية المطلوبة بعد الجراحة.

ولهذا، يوصى دائماً بالاستعانة برأي الطبيب المختص وفريق الرعاية الصحية لتحديد الخيار الأكثر أماناً وفعالية لتحقيق نتائج طويلة الأمد. احجز موعد استشارتك اليوم في عيادات كلاريتي.